الانبهار على مستوى الثقافة
كما يمكن أن يكون الانبهار على مستوى الموضوع، كما ذُكر في الكتاب ضمن بحث النتائج النفسية لتضخّم المعلومات (ص 197)، يمكن أن يكون الانبهار على مستوى الثقافة أو الحضارة. فإذا نظر الإنسان إلى كثرة ما يأتيه من معارف جديدة من ثقافة أخرى، وبين ضحالة ما يأتيه من ثقافته، فقد يشعر بالانبهار أمامها، وهذا ما قد يؤدي به إلى ترك الاطلاع على معارف ثقافته وأفكارها.
ويكون الانبهار أقوى عندما لا يتعمق الإنسان في فهم وتأمّل حال المجتمعات التي تأتي منها هذه المعارف. يقول ناصر مكارم الشيرازي: < نرى في العالم الصناعي اليوم مجتمعات متقدمة جدّاً في العلم والصناعة، ولكنّها في حياتها اليومية مصابة بأمراض ومشاكل شديدة تبعث على الاستغراب والتعجب1 >. وتساعد النظرة المتوازنة لأي حضارة إلى توازن في أخذ الإنسان بمصادر أفكاره، فلا تكون كمية المعلومات والمعارف دليلاً على أفضليتها وفوقيتها، ولا قلة المعلومات، أو سوء تقديمها، دليلاً على دونيتها أو بطلانها.
وقد يصل الانبهار إلى درجة الاستلاب، عندما يترك الإنسان هويته ودينه وثقافته ويعتنق الثقافة الأخرى، التي يراها أسمى وأكمل وأكثر تطوراً ومجاراة للعصر. يقول محمد علي آذرشب: < إن أهمّ ظاهرة سلبية تطغى على عالمنا الإسلامي هي الشعور بالهزيمة النفسية، وهي أفدح حتماً من أية هزيمة أخرى في المجال السياسي والعسكري والاقتصادي. فهي أم الهزائم وأساسها، وهي هزيمة نرى مظهرها في الإحساس بالدونية، أو بعبارة أفصح الإحساس بالذلّ، وهو إحساس يفقدنا أهم دوافع الحركة الحضارية، وهو العزّة2 >.
آخر تحديث: 13 كانون الثاني 2020.
نشر: 4 كانون الثاني 2020.
اترك تعليقاً