الـ”ترند”: كلمة جديدة أم نمط حياة جديد؟
أدخل «مجمّع اللغة العربية» في القاهرة كلمة “ترند” إلى معاجمه للغة العربية عبر تعريب الأصل الإنكليزي (trend)، وكان لهذا القرار اعتراضات من الحريصين «على نقاء اللغة العربية من الكلمات الدخيلة»، لأنه يمكن إيجاد مقابل عربي ككلمات «رائج» و«شائع» و«متصدر» و«متداول»، والتي تستطيع أن تؤدي معنى «موضوع ساخن جديد يُثار على منصات مواقع التواصل الاجتماعي»، وإلا كيف نصف لغتنا بأنها أغنى لغات البشر والأكثر قابلية للاشتقاق وهي لم تقدر أن تجد مقابلاً عربياً لكلمة ترند، ودوماً بحسب المعترضين.
لكن النقاش ينبغي أن لا يقف عند مسألة تعريب الكلمة أو اشتقاقها، إنما على نمط الحياة الجديد الذي تمثله هذه الكلمة الجديدة والذي تدفع به منصات وسائل التواصل الاجتماعي. فسجالات ونقاشات التواصل الاجتماعي ينبغي أن تتمحور حول التراندات المعلنة من قبل المنصات نفسها (والتي تشارك هي بنفسها في صنع تلك التراندات، ولكن ذلك حديث آخر)، فأحاديث العامل صبيحة يوم العمل التالي مع زملائه ينبغي أن يكمل نقاش ما أثارته تلك التراندات من مواقف واصطفافات، وإلا يُحكم عليه بأنه يعيش خارج الزمن، وإذا تحدّث بتراند سابق، يُحكم عليه بأنه بطيء في مواكبة الأحداث، وإذا تكلّم بموضوع لم يكن ترند أصلاً، فهذا قد يعتبر خلاف “الاتيكيت” الاجتماعية الجديدة… والعادات السلوكية في التواصل والتعبير قد تصبح عادات فكرية ونمط تفكير، فكل فكرة أو قضية ليست رائجة تصبح غير صالحة للتفكير فيها من الأساس وغير جديرة بالطرح.
كل يوم يصبح له ترنده أو قضيته الخاصة به والتي تطوى وتُنسى مع مجيء الترند الجديد! فهل هكذا تتقدّم قضايانا؟! تربّى الجيل القديم بأن القضايا تحتاج إلى جهد طويل يمتد لسنوات لكي تصل إلى نجاحات وتغيير حقيقي على الأرض، أما مدرسة الترند فتريد اختزال السنين بأيام… أليس ذلك خلاف الطبيعة؟!
اترك تعليقاً