تأثيرات المعلومات السلبية وسبل التعامل معها والنظرة القرآنية إليها

ملخص: أنّ القرآن الكريم لم يغفل عن النقد الداخلي للمجتمع المُسلم، وتبيان أوجه نواقصها وثغراته، ولكن هذا النقد يختلف اختلافاً كبيراً عن سيل الأخبار السلبية التي تميّز كثيراً من إعلامنا المعاصر.

يذكر القرآن الكريم لنا دوماً مآلات الظلم والفساد الذي يقوم به الناس، ويعرّف على أسباب ارتكاب الفساد في آيات كثيرة. ويمكننا من خلال تتبّع مجموع هذه الآيات ومعرفة سياقها وتداخلها مع الآيات الأخرى أن نخرج بتصوّر قرآني للكيفية التي يتعامل بها مع نشر الأخبار السلبية. وحيث يحتاج ذلك إلى دراسة مستقلّة ومطوّلة، سيكتفي هذا القسم بعرض نماذج منها:

  1. ﴿وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبهِّا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُّكْرًا. فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكاَنَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً1. يقول ناصر مكارم الشيرازي: < في كثير من الموارد يأتي القرآن على ذكر الأمم السابقة بعد إيراد سلسلة من الأحكام والتكاليف، لكي يرى المسلمون بأعينهم عاقبة كلّ من (الطاعة والعصيان) في تجارب الماضي وتأخذ القضيّة طابعاً حسيّاً. ولم يخرج القرآن الكريم في هذه السورة عن هذا النهج، فبعد ذكر وظائف كلّ من الرجال والنساء عند الطلاق، يحذّر العاصين والمتمرّدين من العواقب الوخيمة التي تنتظرهم….”2>.

  2. ﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ في‏ مَواطِنَ كَثيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرينَ3. فالإعجاب بالكثرة والغرور بالنصر أدّى إلى هزيمة عسكرية مرحلية يوم (معركة) حنين.

  3. ﴿وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقينَ4. فبيّنت الآية خسارتهم الفعلية إذْ إنّ ما عند الله تعالى خيرٌ مما توجّهوا له، وهو خير الرازقين.

وهذه النماذج تدلّ بشكل واضح على أنّ القرآن الكريم لم يغفل عن النقد الداخلي للمجتمع المُسلم، وتبيان أوجه نواقصها وثغراته، وحتّى انتقد بعض من كان يصلّي خلف النبي محمد (ص)، كما تُظهر الآية الأخيرة.

آخر تحديث: 13 كانون الثاني 2020.

نشر: 4 كانون الثاني 2020.


  1. سورة الطلاق: 8-9.↩︎

  2. مكارم الشيرازي، الأمثل، 18: 424-425.↩︎

  3. سورة التوبة: 25.↩︎

  4. سورة الجمعة: 11.↩︎