تقويم التنمية البشرية وبيان الفرص والتحدّيات فيها

إنّ مصدر الكثير من نصائح وتقنيات المهارات المرنة تأتي من كتابات التنمية البشرية، والتي هي، بطبيعتها، تستند إلى التجربة الشخصية للمؤلف، أو تجربته من خلال عمله واحتكاكه مع عديد كبير من الناس، أو إلى تفسيرات النتائج العلمية المتعلّقة بالإنسان. كما تكون عادة طبيعة هذه الكتابات تخصصية، مثلاً أن تتناول زيادة إنتاجية العمل، أو الثقة بالنفس، أو حسن تنظيم المعلومات، أو الخطابة دون خوف، أو علاج ضغط العمل. وهذه الطبيعة بذاتها تسبب الكثير من التناقض في نصائح هذه الكتابات. فقد تكون فكرة ما ناجحة وفق معايير وقيم كاتبٍ ما، ويكون نقيضها ناجحاً وفق معايير وقيم كاتبٍ آخر1.

أما الخطاب الأخلاقي الديني فهو يستند إلى النصوص الدينية بشكل أساسي، وإذا ذكرت تجارب الصالحين معه فهو لتقديم أمثلة، وقدوة على تطبيق هذه القيم، وإلاّ تجاربهم ليست هي الأساس، بعكس كتابات التنمية البشرية.


  1. مثلاً، يرى أحدهم أن وجود (أو تأسيس) علاقة محبّة بين الخطيب وجمهوره تفيد في تقليل الخوف من الخطابة، ويكتب كتاباً أو مقالةً حول هذه الفكرة، بينما يرى آخر أن عدم الاكتراث والالتفات إلى رأي الناس المخاطبين يؤدي إلى تقليل الخوف من الخطابة، ويكتب كتاباً أو مقالةً عن ذلك. ومردّ هذا التناقض ليس فقط نجاح تجربة كلٍ منهما، بل اختلاف في القيم التي يمتلكانها، فالأول وجد حلاً ضمن قيمه، والثاني وجد حلاً مناقضاً (على الأقل ظاهراً)، ضمن قيمه.