تطبيق واتساب وانحيازاته العلنية
أدخل الإصدار الأخير من تطبيق واتساب ميزة جديدة وهي القنوات، والتي تشبه الميزة الموجودة منذ سنين طويلة في تطبيق تلغرام. تتيح ميزة القنوات إمكانية الوصول إلى محتوى من دون معرفة رقم من أنشأ القناة أو الحصول على دعوة من أحد أعضاء القناة، بل يكفي أن يبحث المستخدم عن اسمها ليصل إليها. وكذلك لا يظهر اسمه ولا رقمه للأعضاء الآخرين (كما هي حالة المجموعات).
أثارت الطريقة التي قدّم به تطبيق واتساب هذه الميزة تساؤلات وانتقادات كثيرة تتعلق بطريقة ترشيحه للقنوات ومعيار اختياره لما يقدّم لملايين المستخدمين في النطاق الجغرافي اللبناني على أقل تقدير، بما يجعلّه من مروّجي الشذوذ من خلال ترشيحه الثابت والمستمر لقناة معروف صاحبها بتوجهاته ودعواته في هذا المجال. يمكن سرد هذه التساؤلات والانتقادات ضمن النقاط الست التالية:
1 – ما هو المعيار لانتقاء تطبيق واتساب قناتين فقط من بين عشرات القنوات الجديدة وتقديمهم بشكل ثابت ضمن أول القنوات الممكن الاشتراك بها؟ فهل هي القنوات الأكثر شهرة أو الأكثر نشاطاً؟
2 – بالاستناد إلى لوائح تطبيق واتساب نفسه، قناة زحل ليست ضمن لائحة القنوات الأكثر شهرة، وترتيبها ضمن لائحة القنوات الأكثر نشاطاً متدن جداً، على الرغم من امتلاكها بضع آلالاف من المستخدمين. وهنا يطرح السؤال التالي: كيف يمكن لقناة لديها هذا العدد من المتابعين أن تكون ضمن قائمة قنوات لديهم ملايين أو مئات آلاف المستخدمين؟! علماً أن جميع قنوات واتساب جديدة، فالذي حصد ثلاثمئة ألف مشترك إنما حصدها في نفس المدة الزمنية التي حصل فيها صاحب قناة زحل على بضعة آلاف، فكيف يكونان معاً ضمن الأكثر نشاطاً (الصورة 2).
3 – ثم ألا يفترض أن تتغيّر لائحة المقترحات من قبل واتساب كل فترة بحسب اتجاهات الشيوع عند المستخدمين كما يحصل على تطبيقات أخرى تقدّم لوائح بالأكثر شهرةً عندها بشكل يومي. بينما حافظت قناة زحل منذ أكثر من عشرة أيام (يومها كان لديها فقط حوالي ألفي مشترك) حتى اليوم على نفس المكانة، بالتفوق فقط أحياناً على قناة كارك زوكربرغ، ذات الثلاث ملايين مشترك!
4 – لماذا لا يتقرح واتساب لائحة طويلة من القنوات المحليّة (عملاً بقيم تعدّد الآراء واحترام الرأي الآخر والانفتاح!) ويحصر لائحته المحلية بقناتين فقط.
5 – إذا بحثنا عن قنوات عربية عبر كتابة حرف الألف “ا” في خانة البحث، سنجد عشرات القنوات ذات الشعبية الكبيرة والتي حصدت مئات آلاف المشتركين ضمن هذه الفترة القصيرة (الصورة 3).
6 – تشتمل لائحة الترشيحات عشرين قناة، فقط اثنان منها محليّة (حتى الآن) والبقية غربية (رياضة، غناء، ترفيه،…)، فحسب أي معيار، وبأي حق يعتبر تطبيق واتساب أن اهتمامات المستخدم المحلي هي 10% محلية (أخبار وأبراج – قناة زحل)، و90% بالضرورة اهتمامات غربية كالرياضة والترفيه والغناء؟! فلا مكان للقنوات العربية خارج لبنان أو الأسيوية أو الأفريقية… ومن الواضح أنه يعكس رؤية المركزية الثقافية الغربية ونمط العولمة الغربي.
تحديث 23 أيلول: دخلت قناتان إخباريتان محليتان على لائحة التشريحات وإحداها لديها عدد متابعين أكثر بأربعة آلاف من قناة زحل، ورغم ذلك بقيت قناة زحل في الصدارة محافظة على موقعها شبه الثابت أول القنوات منذ أكثر من عشرة أيام. وفي الأساس، ماذا تعكس هذه الأرقام من عكس للواقع في ظل الدعاية والرعاية العلنية المفضوحة لواتساب وتبوأها صدارة اللائحة بشكل دائم؛ فلو وضعنا أي قناة أخرى مكانها لكانت حصدت آلاف المتابعات يومياً بسبب تلك الدعاية فقط.
في الخلاصة، ليس تطبيق واتساب -أو أي تطبيق آخر من وسائل التواصل الاجتماعي- محايد فيما يقدّم ولديه انحيازات واضحة تعكس انحيازات الجهات والمجتمعات التي نشأ منها، ومع دخوله ميدان عرض المحتوى والإعلان والدعاية للقنوات سيبدو هذا الأمر أكثر جليّاً مع الوقت.